الاثنين 21 أبريل 2025 | 10:02 م

واقع الذكاء الاصطناعي ومخاطره.. وعن مواجهة الفتيات لظاهرة الابتزاز الرقمي.. استشاري علاقات أسرية تُجيب


أضحى الذكاء الاصطناعي (AI) جزءً لا يتجزأ من حياتنا اليومية؛ إذ انتشر استخدام تطبيقاته بين العوام مؤخرًا كانتشار النار في الهشيم؛ مما أدى إلى تغيير طريقة عملنا والتواصل والتفاعل مع العالم من حولنا، ومع الأخذ في تقدم الذكاء الاصطناعي وزيادة وتيرة تطوره بشكل كبير، وجب على المواطنين مراعاة المخاطر والعواقب المحتملة المرتبطة بتطويره.

وإن لمن أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي لاقت رواجًا واسعًا هي "شات جي بي تي" (ChatGPT)، "جي بي تي-، "ساغ" (Sage)، "كلود+" (Claude+). وعلى الرغم من منافعهم الجمة وما تعود به من مصالح كبرى في إنجاز كثير من مهامنا العملية والدراسية، إلا أن التطبيقات تلك أو الذكاء الاصطناعي بصورة خاصة يحمل في جعبته مخاطر محتملة يلزم بأن نكون على دراية كاملة بها ونعمل على التخفيف منها، بعدما انتشرت في واقعنا بصورة كبيرة، وسنستعرض لكم الآن بعض منها.

• انتشار الصورة المزيفة والابتزاز الرقمي واقع رسمه الذكاء الاصطناعي

بات استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي سلاحًا رادعًا لذوي الفكر المضلل والأفكار الخبيثة؛ حيث تُستعمل تطبيقات ومزايا الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن؛ لتوليد صور أو مقاطع فيديو أو صوت أو نصوص مزيفة (التزييف العميق)؛ مما ينشأ الضير في المجتمع ويسبب انتشار للمعلومات المضللة على نطاقات ضخمة عبر الإنترنت، مما سبب تقويضًا لسلامة المعلومات، وعائقًا في استشفاف الثقة في مصادر الأخبار وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي من خلال ما تتناقله من تغطيات إعلامية.

وعن آليات تعامل المجتمع وخاصة السيدات حال وقوعهن في معضلة دائرة الابتزاز والتشهيير الرقمي من ذوي الأفكار الخبيثة من مستخدمي تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وكيفية مواجهتهن لهذا الأمر حال حدوثه، وإمدادهن بإرشادات عامة حول سُبل تعاملهن مع منصات التواصل الاجتماعي حتى لا يكُن عرضة لغبش منصات الإنترنت المختلفة وما تحمله من مستخدمين غير سويين، ففي خضم هذا الأمر تتحدث استشاري العلاقات الأسرية «هبة الصباحي» لـ«مصر الآن» وتقول بأن المجتمع وخاصة الفتيات يتحتم عليهن بأن يكُن على وعي بأن التكنولوجيا -بكافة أشكالها وصورها- من الممكن أن تُستغل لأهداف غير نبيلة؛ فالذكاء الإصطناعي صار يستخدمه بعض عدماء الخلق والدين؛ لفبركة صور ومقاطع فيديو؛ بغرض الابتزاز والتشهيير بالفتيات؛ بهدف جني أرباح مالية منهن، أو لأغراض ضالة أخرى».

وتضيف «الصباحي»: «يجب على أية فتاة حال تعرضها للابتزاز الرقمي بأن تسارع دون خوف أو تردد في إبلاغ الجهات المختصة كمباحث الإنترنت ومنظمات حقوق المرأة؛ كي يسرعوا في ضبط الجاني ومحاسبته أشد المحاسبة؛ فالقانون المصري رادع ولا يتهاون بتاتًا في مواجهة هؤلاء المجرمين بكل حزم، كما يلزم على المجتمع المتمثل في الأسرة والمؤسسات المجتمعية والإعلام بالاشتراك سويًا في ضخ عمليات توعية مستمرة بمخاطر الذكاء الاصطناعي مع التأكيد والتنبيه على عدم مشاركة معلومات شخصية أو صور خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي إلا للضرورة، مع الحرص على استخدام مواقع تواصل اجتماعي وتطبيقات هاتفية مشهود لها بالثقة؛ تجنبًا لخطر الوقوع في فخ الابتزاز أو سرقة المعلومات، إضافة إلى حتمية المضي في التحقق من مصدر أي خبر يُنشر إلكترونيًا؛ لمعرفة مدى صحته من عدمها».

وتؤكد «الصباحي» بأن أية فتاة وقعت في دائرة الابتزاز والتشهيير الرقمي يجب ألا تفقد ثقتها في المجتمع، وهنا يكمن دور الأسرة والأبوين والأخصاء النفسيين ممن يقع على عاتقهم مساندة الفتيات اللاتي وقعن في هذا الأمر ومساندتهن بكافة الطرق، والحديث معهن بلين ورفق وبث روح الثقة فيهن من جديد؛ حتى يتثنى لهن مواجهة المجتمع من جديد بوعي أكبر وشخصية جديدة قادرة على مواجهة الصعوبات وتحدي الأزمات، تحت لواء القانون المصري الذي سيضمن لهن حقوقهن ويحاسب من أوقع بهن سوءً».

• الذكاء الاصطناعي ما بين ضباب كشف بيانات المستخدمين والاستخدامات غير الحسنة

يعمل الكثيرون خلال هذه الأيام إلى استغلال بعض العيوب أو الثغرات في أنظمة الذكاء الاصطناعي، في شن هجمات إلكترونية يمكنها تعطيل البنية التحتية الحيوية لأية دولة على محيط الكرة الأرضية، أو سرقة البيانات الحساسة لها ولمواطنيها، أو نشر معلومات مضللة بين سكانها؛ بهدف إحداث بلبلة واضطراب شعبي، أو حتى تضليل أصحاب القرار بمعلومات لا تعرف للشفافية طريق.

ووجب الذكر أنه مع كل إجراء رقمي نتخذه فإننا ننتج بيانات جديدة: رسائل البريد الإلكتروني، النصوص، ما نُحَمِّلُه من الإنترنت، المشتريات، المنشورات، صور السلفي، مواقع "جي بي إس". ومن خلال السماح للشركات والحكومات بالوصول غير المقيد إلى هذه البيانات، فإننا نسلمها أدوات المراقبة والتحكم دون أن ندري، ومع إضافة التعرف على الوجه، القياسات الحيوية، البيانات الجينية، التحليل التنبئي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، فإننا ندخل منطقة خطرة ومجهولة مع تنامي المراقبة والتتبع من خلال البيانات دون أي فهم تدقيقي للآثار المحتملة؛ والتي صرنا نستشف نتائجها الكارثية ها نحن اليوم على أرض الواقع، وإن مواكبة أهداف الذكاء الاصطناعي مع أهدافنا، فقد تؤدي إلى عواقب سلبية وخيمة، ويمكن لهذا أن يحدث إذا تم تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي بحيث تمتلك القدرة على التحسين الذاتي وأن تصبح أكثر ذكاء من تلقاء نفسها وهو ما حدث فعليًا، وهنا يمكن للذكاء الاصطناعي بكافة أشكاله أن يصبح -في نهاية المطاف- متقدمًا لدرجة أنه قد يتفوق على البشر ويتخذ قرارات من شأنها تشكل تهديد وجودي للبشرية سواء عن قصد أو عن غير قصد، في حال إذا لم نعد نستطيع التحكم فيه بشكل فعال.

• الذكاء الاصطناعي وزيادة البطالة.. أزمة كبرى

لا يقتصر خطر الذكاء الاصطناعي على التلاعب ونشر معلومات مضللة وإحكام القبضة على اقتصادات دول أو شن هجمات على بنيتها التحتية. حيث تمثل إزاحة الوظائف شاغلًا آخر مع استمرار التقدم في الذكاء الاصطناعي، مما قد يؤدي إلى إتمام مهام كان يؤديها الإنسان، ومن ثم فقدان الكثير من الوظائف، وبالتالي زيادة نسب البطالة، وظهور الحاجة إلى استراتيجيات للتوظيف وإعادة التدريب.

وكان كبار خبراء الذكاء الاصطناعي، ومنهم مبتكر نموذج "ChatGPT"، قد اشتركوا في مطلع هذا العام في التوقيع على رسالة تخطر بأن "التخفيف من حدة مخاطر البطالة بسبب الذكاء الاصطناعي ينبغي أن يصبح أولوية عالمية إلى جانب المخاطر الأخرى على مستوى المجتمعات، مثل الأوبئة والحرب النووية". وكان في تلك الرسالة تعبير عن المخاوف التي تُطرق عنها منذ عقود سابقة، حيث حذر البعض من "خطر سيطرة الآلات على حياتنا في نهاية المطاف" بحيث ألا يكون للإنسان دور في إتمام المهام وخاصة داخل الكيانات الكبرى.

ومن المتوقع أن يشهد العالم نموًا في الناتج المحلي الإجمالي مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي بقيمة 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030؛ لتواصل تطبيقات الذكاء الاصطناعي النمو عبر المؤسسات والصناعات.